الإرهاب المقدس تأليف تيري إيجلتون




الإرهاب المقدس     

تأليف تيري إيجلتون

لم يتوقف البشر أبداً عن قتل بعضهم البعض منذ فجر التاريخ ، ويعود الإرهاب الي ما قبل  العالم الحديث .
إذ هناك بزغ الي الضوء مفهوم المقدس : وترتبط فكرة الإرهاب  بنحو وثيق بهذه الفكرة الإبداعية والهدامة المانحة للحياة والقاتلة في آن .
هذا ما يقوله كتاب الإرهاب المقدس الذي ألفه أحد أهم النقاد والمفكرين الإنجليز المعاصرين 

وهو تأمل مثير وجذري في إحدي أهم قضايا عصرنا الخطيرة ، فهذا الكتاب الذي يتسم بالوضوح والعمق يدرس فكرة الإرهاب منذ العالم القديم حتى اليوم مروراً بعبادة  ديونيسوس ومسرح شكسبير وسياسة دانتون وفكر فرويد ولا كان.
يناقش الكتاب أيضاً مشكلة الشر ويخصص الفصل الإخير لدراسة فكرة المأساوي وكبش الفداء .

وهذا مقال كتبه نعمان الحاج حسين يشرح رؤية الكتاب : 
إذا كانت ظاهرة المفجرين الانتحاريين ظاهرة غير اعتيادية في عالمنا المعاصر، تلقي بألغازها – ورعبها- على سياسة زمننا؛ فإن كتاب (الإرهاب المقدس) لـتيري إيجلتون هو كتاب غير اعتيادي يتناول الظاهرة نفسها ويقترب في كل صفحة من فك الألغاز كلها، إن لم يكن قد أنجز ذلك بالفعل؛ لكن هذا متروك لما يستخلصه كل قارئ على حدة.
وعلى الرغم من أن العمليات الانتحارية هي موضوعه المركزي وان الجهاديين الإسلاميين وأحداث الحادي عشر من أيلول هي منطلق الكتاب ودافع المؤلف لتأليف كتابه، إلا أن ( إيجلتون)، مع ذلك، لم يجعل من هذه الموضوعات أفكارا مسيطرة على بحثه، فهو لا يشير إليها- إشارات إسمية مباشرة – إلا مرات قليلة لينطلق بعدها للخوض في أبعادها العميقة، من غير أن يغوص في مسائل مجانية ذائعة الصيت من مثل: (الهمجية الإسلامية)(…) الشهيرة أو(التخلف العربي)(…)! أو حتى ( التوحش الشرقي)(…) بشكل عام! للكشف عن جذور إرهاب ( القاعدة) وقاطعي رؤوس الرهائن في الشرق الأوسط! بل يذهب ( إيجلتون ) _ ويا للمفاجأة _ بالاتجاه المعاكس تماما، نحو الغرب.. للبحث في الفكر الأوروبي وصيرورة ( الغرب ) الحديث مستخلصا أفكارا ذات صلة بموضوعه عبر مصفاة الآداب الغربية من المسرح الإغريقي إلى الرواية الأوروبية الحديثة مرورا بعصر النهضة ومسرح ( شكسبير ) عائدا - هكذا - إلى العمليات الانتحارية باستدارة مدوخة! حاملا معه الأفكار الغربية المطلقة: الله.. الحرية المطلقة.. الربح اللامحدود، كخلفية للعنف الأصولي، جاعلا منه ( أحد أفراد العائلة..) وليس شيئا غريبا وخارجيا كما كان يمكن لـ( برنارد لويس )- مثلا- أن يقول!

لاعلاقة أذن لهذا الكتاب بالإثارة التي ترافق كتابات مؤلفين يخوضون في قضايا الساعة من أمثال: ( توماس فريدمان) و( صموئيل هنتنجتون) وغيرهم... الذين يقومون بإغراء القارىء حتى الصفحة الأخيرة لكي يحصل على نتائج قليلة القيمة مع الكثير من المتعة بسبب تطابق التوقعات بين القارىء والمؤلف..ويتبين بعد انقلاب الحقبة السياسية أن المتعة مستهلكة والنتائج عديمة القيمة من حيث قدرتها التفسيرية.. إلى حد أن كاتبا صحفيا من طراز (روبرت فيسك) يقول في مقابلة تلفزيونية: "..توماس فريدمان ينال /500/ دولار لقاء كل محاضرة يلقيها لكنني على استعداد لدفع /500/ دولار لكي لا أسمع محاضرته"! ولكن، من ناحية أخرى لايشبه ( إيجلتون ) الكتّاب الآخر ين من مثل ( فيسك) نفسه أو ( نعوم تشومسكي) الذين يبحثون عن الحقيقة لكن.. دون بلوغ المهاوي المخيفة التي يبلغها كتاب ( الإرهاب المقدس ) ويقف ( إيجلتون) في هذا الكتاب وقفة ( نيتشوية) على رغم المسافة التي من الممكن أنها تفصل بين الإثنين لكننا نفعل ذلك لكي نعطي فكرة عن التقليب الجريء الذي يقوم به ( إيجلتون) لكل الأفكار الغربية المحضة دون هوادة ولا مراعاة بالإضافة إلى أن ( إيجلتون) ربما يقف بعيدا وراء (نيتشه) لكن المسافة التي قد تكون شاسعة بينهما لا يحتلها عدد كبير من الكتاب! ولنقتبس من ( الإرهاب المقدس) جملة في الصفحة السادسة فقط أي قبل الخوض في الكتاب، يقول ( إيجلتون):
" المقدس خطير!..إذا وضع داخل قفص بدل أن يوضع داخل علبة زجاجية !" وهو لا يقصد المقدس العائد للإرهابيين ولا يستثنيه بل يقصد مفهوم المقدس وخصوصا في الغرب: ( الأب والابن والروح القدس ).. ويستشهد لمرة واحدة بكلمات حرفية لـ( أسامة بن لادن) وثيقة الصلة بفكرة يعالجها، رغم هذا بدت كلمات ( بن لادن) التي لا تستغرق سطرا، فائضة على الكتاب بسبب منهجيته وفرادته الخاصتين فـ( إيجلتون) يأخذ العمليات الانتحارية على مأخذ الجد باعتبارها تمزقا إنسانيا للمفجر وللضحايا، وهو مصيب هنا، لكنه لايأخذ الحركات الإسلامية ولاخطابها نفس المأخذ وهو- من وجهة نظرنا- مصيب هنا أيضا، في مقابل خطأين مزدوجين يقع فيهما الكثير من الكتاب الذين يبحثون في الظاهرة الإسلامية حين يأخذون خطاب الإسلاميين وقوتهم على محمل الجد ولا يرون في التفجير الانتحاري سوى نتيجة طبيعية لذاك الخطاب وتلك القوة..فمن وجهة نظر (إيجلتون) العملية الانتحارية لا شيء سوى إنسان لم تعد حياته تساوي شيئا، وهي لن تقوده إلى شيء أيضا، لكن في الوقت نقسه هذا ( اللاشيء ) الذي هو حياة الانتحاري وبدرجة أقل.. موته، فضيحة الإنسانية كلها! وفضيحة الغرب بالتحديد.. ويرفض ( إيجلتون) تجاهل هذا الألم الإنساني كما يرفض اعتباره من غرابة أطوار ( الآخر ) .
http://www.4shared.com/office/tOfLobRaba/irhab.html

اضف تعليق

أحدث أقدم